للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السموات والأرض والامتثال لأوامره واجتناب نواهيه، وهذا ولا شك يؤدي إلى تماثل في المجتمع، وتوحد في عقيدته, واستقامة في حياته، وقد كانت الأمم الأولى التي شقت طريقها نحو العقائد الدينية الصحيحة من أنضج الأمم وأحسنها مسلكا في حياتها، وأنظمها في العلاقات الاجتماعية بين أبنائها، كما أكسبها الدين قوة مادية ومعنوية جعلتها مرهوبة الجانب مخشية البأس، على العكس من الأمم الوثنية، فقد كانت تعمها الفوضى، وتعتريها الفتن، وتتغير عقائدها بتغير الأفراد والقائمين بأمرها. وفي الدين الإسلامي ما يشيع الخشوع في النفوس لله، والرغبة في ثوابه، والخوف من عقابه فتسلك طريق الهدى والرشاد راضية مختارة، وتنأى عن الغواية والضلال عن يقين وحجة. والدين الإسلامي فوق إنه عقيدة عامة لبني الإنسان هو دين معرفة وسلوك ونظام اجتماعي. ومن هنا كانت "التربية الإسلامية" ليست مادة كباقي المواد الدراسية، المقصود منها هو كسب المعلومات وتنميتها، وإنما المقصود هو إثراء الروح والتأثر بتعاليم الإسلام والسير على هداها. ونحن لا نعتبر مدرس الدين ناجحا بمقدار ما يحصله تلاميذه من آيات وأحاديث وأفكار إسلامية، وإنما يقاس نجاحه بمدى ما انطبع في نفوس تلاميذه من العقائد الصحيحة والأهداف الإسلامية، والمثل والغايات التي جاء بها، وأن يتعلق التلاميذ بهذه الأشياء حتى تصبح منهجهم في الحياة والعمل والسلوك. والمعارف الدينية تفقد قيمتها إذا لم تنعكس آثارها على حياة الطفل وتصرفاته، وإذا لم تصبح له سلوكا عمليا ودائما، يتجلى في يقظة ضميره وسمو وجدانه وتشبثه بالفضائل وتساميه عن الرذائل.

والعقيدة في الإسلام قائمة على الإيمان بإله منزه عن الشرك، منزه عن النقائص لا صاحبة له ولا ولد، منزه عن التشبيه الذي تسرب من بقايا الوثنية إلى الأديان الكتابية "من يهودية ومسيحية". ودعمت تلك العقيدة

<<  <   >  >>