يظل الطفل -في مرحلة الطفولة الأولى- يتصور أن الخير هو ما حقق له رغباته وأن الشر هو ما يقاومها أو يقف في طريقها. حتى إذا ما انتقل إلى مرحلة الطفولة المتأخرة -أي: دخل في السابعة من عمره- بدأ يسأل عن الحسن والقبيح ويتعرف من خلال تجاربه على لون كل منهما. فهذا حسن لأنه يرضي والديه وأخوته وأصدقائه، وهذا قبيح لأنه يغضبهم. ويظل هذا الانطباع لديه، حتى يتعرف على مسائل الدين والخلق، فينتقل بفكره إلى إدراك أن الخير هو ما يتفق وأوامر الله، وأن الشر ما يخالف ذلك. حتى إذا ما وصل إلى التاسعة من عمره، وتقدم به التعليم بعض الشيء، واتسعت خبرته بالواقع، وتعقدت صلاته الاجتماعية، ارتقى حسه ونمى إدراكه وفكره فأصبح يرى الخير في أمور كثيرة لا يفعلها الناس، والشر في أمور أكثر يرتكبها الناس. وبذلك يحس بدافعية تسوقه إلى الله، وإلى حبه والاهتمام بتعاليمه؛ لأنه سبحانه هو وحده الذي يمكن أن يحقق له العدل والإنصاف. ويقاوم الظلم، ويدفع الشر عنه. وفي هذه الفترة تبدو أهمية معلم التربية الإسلامية، إذ يستطيع أن يستغل هذا التطور الطبيعي في الطفل، فيعمل على تقوية عقيدته بالله، تلك العقيدة التي سيرى فيها الطفل خير عون له على تقبل ما يتعرض له من آلام الواقع وصراعات الحياة. والتي سوف تمسح عنه الكثير من صنوف الحرمان والوهم والخوف، وتعمل على تقوية شخصيته واستعدادها للتضحية والفداء ومعاونة الآخرين.