وهكذا يصبح فعل الخير له مدلول عند الطفل، وامتناعه عن الشر يصبح أشبه بالقربان يقربه إلى الله لينال عفوه ورضاه ومحبته. وصلاة الطفل في هذا العمر لها أثر عميق في نفسه؛ لأنها منه تخرج خاشعة لا يدخل فيها رياء أو نفاق أو غفلة، ويكون ارتباطه فيها بربه أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى؛ لأنه أدرك معنى التوسل إلى الله، واتضح له صوت الحق في عظمته وسلطانه، ودعاه خوفه منه إلى التوسل إليه أن يعينه على نوازع الشر في نفسه، وأن يهديه إلى طريق الخير والإيمان، ولهذا كان أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع وأن نضربهم عليها لعشر "أي: إذا لم يصلوا حتى العاشرة". ومتابعة الأطفال في الصلاة وخاصة بالمدرسة أمر يجعل من التربية الإسلامية حقيقة واقعة؛ لأن الطفل حساس إذا وجد القول يخالف الفعل اهتزت لديه كثير من القيم. فإذا علمناه الصلاة وفضائلها، وتركنا نحن الصلاة، أو تركناه بلا دافع يدفعه إليها، فكأننا بذلك، نقول له تعلم النفاق والكذب. وكل تعاليم الإسلام كذلك. تحتاج منا إلى متابعة وتهيئة الجو الذي يشعر فيه التلاميذ بحقيقة هذه التعاليم وفضلها على غيرها.