حاولت المجتمعات الإنسانية منذ ميلادها، أن تضع لها أسلوبا للمعاملة يكفل لها الأمن والتضامن والمحبة، وحرص أهل الرأي والفكر فيها أن يبينوا الحدود التي يقف عندها الفرد, ليكون مقبولا من الآخرين ووضعوا الموازين والقيم التي يجب أن تسود في المجتمع ليتعاطف معه الفرد، ويشعر بالولاء له التفاني في خدمته. ولهذا تنوعت القيم الأخلاقية والسلوكية بتنوع الأمم وتعددها. حتى جاءت الأديان السماوية فخرجت هذه القيم من صناعة الإنسان ورغباته، إلى أوامر الإله وتشريعاته. وكانت بعض الأمم متفهمة للأوامر الإلهية متبعة لها فحصلت على حياة فاضلة ومجتمعات سعيدة راقية. والبعض الآخر ما لبث أن غير وبدل فيما جاءت به الرسل والأنبياء فضلت مجتمعاتهم وتاهت في دروب من الظلم والقسوة والاستعباد. وقد جاء الإسلام إلى الأرض وأهلها يعيشون على هذه الصورة الأخيرة من ذل واستعباد وقهر وجبروت.
فساوى بين الناس، الغني والفقير, المرأة والرجل، الصغير والكبير, الحاكم والمحكوم. جميعهم في الإسلام متساوون. لا عصبية ولا حسب ولا جاه ولا سلطان. الكل أبناء آدم وحواء وإن اختلفوا في الموطن والبيئة والشكل. فلا تفاخر بالأنساب ولا تباهي بالألقاب. إنما الجميع أمام الله سواسية لا يتفاضلون إلا بالتقوى وفعل الخيرات