للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .

وتحديد الإسلام للمساواة بين الناس يحقق أقصى درجات العدالة الاجتماعية. فهو يرى أن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات. وإن دماءهم وأعراضهم وأموالهم مصانة الحق بدرجة واحدة, بصرف النظر عن مكانتهم الاجتماعية وحسبهم ونسبهم. ساوى بينهم في عملية القصاص {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} على عكس ما كان سائدا قبل الإسلام من التغالي في الدماء والجور في الأحكام. يقول تعالى في سورة المائدة:

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .

والمتتبع لتاريخ الأمم القديمة، كالإغريق والرومان والفرس واليهود، يجد أنها جميعا كانت تعترف بالعبودية وتؤمن بتفاضل الدماء، فلما جاء الإسلام وألغى العبودية وحرص على الحرية وحرم العصبية القبلية وجعلها من علامات الجاهلية المنفرة يقول -صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى عصبية فليس منا". واتبع المسلمون ذلك النهج في حياتهم الخاصة ومع الأمم التي عاشت معهم. ومن العجيب أننا بعد هذا التاريخ الطويل نرى بعض الإمم ما زالت تعتبر أفرادها من جنس مفضل على الأجناس الأخرى. وأن أصلها يرتقي على أصول الآخرين. وقصة التفرقة العنصرية السائدة في بعض بلاد العالم الآن من أمثال زنوج أمريكا وجنوب إفريقيا وروديسيا وغيرها تمثل تلك الردة الجاهلية التي قضى عليها الإسلام ومجها منذ أربعة عشر قرنا.

<<  <   >  >>