[الحج من الوجهة الدينية والنفسية والجسدية والاجتماعية]
[مدخل]
...
الحج: من الوجهة الدينية والنفسية والجسدية والاجتماعية
تعد فريضة الحج أعظم دعوة للإخاء الإنساني والمساواة بين بني البشر، تجتمع فيه وفود المسلمين من كل أنحاء الدنيا في بقعة واحدة، لا يدفعهم لهذا الاجتماع طمع في مال، أو رغبة في سلطان، أو سعي إلى مغنم. إنما تدفعهم روحانية مجردة تنقلهم من دنيا الأهواء والشهوات إلى عالم من الصفاء تتجه فيه الأبصار -كل الأبصار- إلى خالق الكون، تدعوه بقلب خاشع، ويقين مطلق، وثقه لا حدود لها في الثواب والعطاء والأمن. وفي الحج رمز واضح لوحدة المسلمين على اختلاف أجناسهم، وفيه إثبات المساواة الاجتماعية المطلقة، إذ يكون المسلمون جميعا بلباس واحد ومن نوع واحد، وعلى شكل واحد، وليس كهذا الوضع شيء يدل على محو فوارق الجنس واللون والطبقة. إذ إننا نعرف أن اللباس ونظمه وتقاليده من أكبر مظاهر التفرق بين الأجناس والطبقات, وبمحو الفروق في الملبس، يتساوى الجميع، فلا يعرف الأمير من الفقير والغني من المحتاج، إذ يشعر الجميع بالوحدة الإنسانية والوحدة الإسلامية، وعندما يقف الجميع على عرفات مناديا "يا رب" لبيك اللهم لبيك، تنصهر تلك الوحدة الإسلامية في وحدة بني الإنسان, إذ كل من على الأرض يقول يا رب، وكأني بقول الله تعالى آمرا نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام بنداء الناس -كل الناس- إلى السعي لحج بيت الله الحرام،