المسخر بين السماء والأرض. وغير ذلك مما هو مدار البحث والفكر لدى كل علماء الدنيا منذ عرفت كلمة العلم والتعلم.
فلا غرابة إذن أن يكون العلماء هم أساطين الدين وأعمدة الإيمان في مختلف العصور ومن كان منهم على غير ذلك، فهو إما واقع تحت تأثير مال أو سلطان أو قوة غاشمة تتسلط عليه، أو هو دعي وليس من أهل العلم حقيقة؛ لأن علمه لم يسعفه في كشف جوهر وجوده، فلا عجب أن يضل عن دنياه.
وقد رأينا في عصرنا هذا، عصر الذرة والفضاء، أن العلم لم يستطع أن يحل المشكلات التي يعاني منها الإنسان في هذه الدنيا، وأنه لا بد من الدين يلقى الإنسان في رحابه الأمن والراحة والسلام؛ لأن هناك حوادث مفاجئة ومآسي تقع على الأرض دون أن تكون لها أسباب مفهومة، والمؤمنون يسندونها إلى القدر وإرادة الله، فلو لم يكن الدين والإيمان به ما استطعنا أن نتعزى عنها أو نحتملها. وكم من مثال على ذلك. طبيعة غاضبة بعد صفاء, كارثة طيران أو سفن بعد سعادة، أعاصير وزلازل وبراكين. متاعب نفسية وعقلية وقلبية وجسدية عجز الإنسان عن إيجاد وسيلة للبرء منها، مئات المشوهين وآلاف المصابين وملايين العجزة. كل هذه الأشياء على كوكبنا، والإنسان بكل ما له من براعة وعلم يعجز عن التخلص منها. والمؤمنون وحدهم هم الذين يرون أن هناك في هذه الدنيا أشياء وتصرفات لا يمكن أن نعيها بما أوتينا من علوم ومقاييس، ولا وسيلة لنا أمامها إلا أن نسلم بوجودها، ونسلم في الوقت نفسه بقصورنا عن إدراك كنهها، ونتجه إلى الله القوي القادر أن ينقذنا مما عجزنا عنه وعجز علمنا المحدود عن إدراكه ومقاومته أو معالجته.