والإنسان بتأديته الزكاة يحس باشتراكه في النشاط الاجتماعي، ويشعر بأنه يؤدي للمجتمع نفعا وبأنه عضو عامل في هذا المجتمع، وأنه يسعى دائما لخدمته فيدفعه ذلك إلى الانصهار مع الناس والابتعاد عن التعالي الذي هو من ويلات المجتمعات غير الإسلامية، وبالتقارب بين الغني والفقير بهذه الصورة تتوحد الإرادة وتتآلف القلوب، فينطلق المجتمع في بنائه وتقدمه من غير عقد ولا خوف. ويحل السلام في النفوس محل الحسد والحقد والضغينة. وفوق هذا فإن الغني المعطي يشعر براحة نفسية تزيل عنه حب المال وعبادته، ذلك الحب الذي يؤدي في أغلب الأحيان إلى أن يصبح مالك المال عبدا له، بدل أن يكون المال وسيلة لتحقيق مصالحه.
ومما يدل على قيمة فريضة الزكاة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أرسل معاذا إلى اليمن أوصاه وصية ربط فيها بين شهادة التوحيد وبين الزكاة قال:"إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" ١.
وأمر الله بالزكاة واضح لا يحتاج إلى اجتهاد أو خلاف فهو تعالى يقول في سورة البقرة آية ٤٣:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاة}
١ انظر السيرة النبوية لابن كثير، تحقيق مصطفى عبد الواحد جـ ٤ ص١٩٢ ط الحلبي ١٩٦٦.