للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليمة ومقنعة يجب أن تنال الطفل من ناحيتيه النفسية والعقلية، وفي الناحية النفسية سنجد الأمر سهلا، إذ بيان عجز الطفل عن خلق حشرة أو زرع عضو أو إعادة الحياة لميت، وربط ذلك بأمثلة تبين عجز من هم أعظم منه وأكبر، كوالديه ورؤساء الدول وقادة الجيوش والعلماء والحكماء. عجزهم عن رد الموت عنهم، أو مقاومة المرض، ومنع العواصف والزلازل وغير ذلك مما هو مدار عجز الإنسان، كل هذا سوف يريح الطفل نفسيا. وهنا ننقله إلى الجانب العقلي الذي به يتضح له الكمال الإلهي في قدرته وعظمته وحكمته. تلك القدرة والعظمة والحكمة التي تقتضي ألا يكون هناك رب سواه. والتي تدعونا إلى التفكر في مخلوقاته الهائلة حتى لا نناقض أنفسنا ونتساءل عمن أوجد الله. إذ لو احتاج الله إلى من يوجده لكان ضعيفا مثلنا، ولكان هذا الكون فاسدا على غير نظام، يعتريه المرض ويحكمه الضعف، وتتداخل أشكاله وألوانه، فلا يكون على ما هو عليه من تناسق بديعة ومعجز.

وبسكون النفس واطمئنان العقل يتبين الطفل أن مثل هذا التساؤل مناف للإيمان بالله عز وجل وبكماله وقدرته التي نلمسها في كل شيء. ومعلم التربية الإسلامية يستطيع أن يلمس هذا الجانب في كل درس من دروس الدين. وأن يجيب عن هذه الأسئلة قبل أن تصبح مركز ثقل عن نفسية التلميذ ومدركاته. وكلما كان المعلم دقيقا وواضحا، كان تقبل التلاميذ لهذه النتائج سهلا وميسورا. ولا أكون مغاليا إذا قلت أن رسوخ العقيدة أو اضطرابها إنما يتكون في هذه الفترة من المرحلة الابتدائية. وأن دور المعلم فيها أكبر من دور الأسرة والمجتمع وأنه بسلوكه ومنطقه واعتداله يظل يلاحق تلاميذه حتى بعد فترة المراهقة. وليس معنى هذا، إلغاء دور الأسرة والمجتمع. وإنما هو بيان لمراكز التأثير في ترتيبها وأولويتها.

فالمدرسة ومعلم التربية الإسلامية أولا.

<<  <   >  >>