السورة من القرآن. أي: إنه كان يهتم بتعليم المسلمين بطريقة تساعدهم على حفظ الأشياء وفهمها وتدبر معانيها.
وهذه الطريقة تكاد تتفق مع "طريقة المشروع" التي نادى بها "جون ديوي" الفيلسوف الأمريكي؛ لأن طريقة المشروع تهدف إلى تكوين شخصيات التلاميذ وتعويدهم الاعتماد على أنفسهم في بحث المشكلات وحلها, وخطواتها مسايرة للخطوات التي يترسمها العقل في الإدراك الفكري، وهي الإحساس بوجود مشكلة، ثم تحديدها بالضبط, ثم فرض ما يمكن من الفروض التي تحل بها المشكلة، ثم الشروع في حل المشكلة بعد ترجيح أحد الفروض حتى يتوصل إلى الحل النهائي لهذه المشكلة.
وما سقته كمثال تربوي في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج في غايته عن هذه الأهداف، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على تقدمية الإسلام، وعلى أنه الدين الحق الصالح لكل زمان ومكان. وأنه في تطبيقه العملي يكفل للناس جوانب التقدم الفكري والتطبيقي.
وكما استعمل الرسول -صلى الله عليه وسلم- طريقة "التجربة" استعمل أيضا الطريقة "الحسية" تلك الطريقة التي ينتقل فيها المرء من المحسوس إلى المعقول، والتي يقرب بها المعنى البعيد بتشبيهه بالمحسوسات التي تمتلئ بها الدنيا، فقد روى الإمام أحمد عن جابر قال:"كنا جلوسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فخط خطا هكذا أمامه وقال: "هذا سبيل الله" وخطين عن يمينه وخطين عن شماله وقال: "هذه سبل الشيطان" ثم وضع يده في الخط الأوسط وتلا قول الله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وحين سأله الصحابة يا رسول هل نرى ربنا يوم القيامة؟ أجاب: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة القدر"