الطبيعة الدالة على خالقها ومبدعها. وقدرته في هذه المرحلة على التأمل والتخيل، مما يساعده على تصور عظمة الذات الإليهة وعدم القدرة على رؤيتها أو تشبيهها بشيء، وهو في تمثله لهذه الأشياء يتفق مع فطرته، ومع طبيعة المخلوقات التي هي مساقة دائما إلى الامتثال والخضوع للقوة العليا, المسيطرة على هذا الكون, والطفل في هذا العمر أرقى المخلوقات وأنقاها روحيا وجسديا، حيث هو بعيد عن الأدناس لم تدخله بعد عوامل الحقد والحسد والطمع.
ولم تسيطر عليه الشهوات والأهواء، لذلك نراه إذا ما وجه الوجهة السليمة نحو الإيمان والخير اندفع إليهما في تعلق وشوق. ودور التربية الدينية في هذه الفترة يقوم على تعليل الأشياء له تعليلا مقبولا، وربط الأمور الغيبية بالواقع المشاهد في حياته التعليمية والعملية.
وكلما كان معلم التربية الإسلامية واعيا لأهدافها, متمثلا لمواقف الحق والجمال فيها. كانت قدرته على تثبيت تلك الأهداف وتمثله لتلك المواقف في نفوس التلاميذ أدق وأنفع. فالمعلم الذي يبين أن الله شديد العقاب، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وينسى أن الله غفور رحيم، ويقبل التوبة من عباده، ويجب التائبين ويتقرب إليهم، هو معلم آلي. ما إن تخرج المعلومات منه حتى تصطدم بجدران الصف الذي يقف فيه، لا تتعداه إلى فكر التلاميذ وسلوكهم واتجاهاتهم. لذلك أدعو إلى أن يكون معلم الدين متخصصا ومختارا بطريقة دقيقة وواعية، وأن يجري تدريبه دائما على تحسين مواقفه والارتقاء بها في دروس الدين، والعمل على إيجاد المجالات له ليتصل بتلاميذه وبيئاتهم ومجتمعاتهم الأسرية.
وقد عرف المربون المسلمون قديما أن لدى الطفل ميلا طبيعيا لحب الثناء والظهور، فمدحوه على ما يبدو منه من قول حسن أو فعل جميل، وشجعوه