للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقرأهم لكتاب الله. فاشترى له المسلمون ثوبا يصلي فيه. قال: "فما فرحت بشيء، فرحي بذلك الثوب". فإن كان ذلك فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم، فإننا نحن المعلمين يجب أن ندرك أبعاد هذا الموقف، وأن نتعلم كيف نشعر الطفل بمكانته ومنزلته عند الله تعالى، حين يطيعه ويؤدي الفرائض، ويتقرب إليه بالسلوك الحسن، والقول الطيب. وبهذا نصعد حاجته إلى التقدير، ونجعلها تروى باستمرار من معين لا ينضب. والطفل لا يحتاج في ذلك إلا إلى التذكير في جو من الإيمان والخشوع, وأن يلمس في روح معلمه الحماس والثقة بالنفس والإخلاص والمحبة, وبهذا نتمكن من إشباع حاجة التقدير إليه، ونجعله يزداد إيمانا وإقبالا على الله سبحانه.

وأحب أن أوضح هنا أن الإسلام بآرائه وتعاليمه لا يعمل على إقناع الفكر وإثارة الانفعالات الوجدانية فحسب، وإنما يعمد إلى التطبيق الذي يبرز العقيدة، ويبين الترابط بين جانبي الإيمان النظري والعملي، لذلك فإن دور معلم التربية الإسلامية يعد دقيقا من هذه الناحية، ومن ناحية شخصيته وأقواله وأفعاله. حتى لا يجد الأطفال أنفسهم أمام تضاد، يجعلهم يؤمنون بعقيدة نظرية ليس فيها المكانة الاجتماعية والواقعية. وبذلك تضعف هممهم وتهن عزائمهم ويشعرون بالخيبة. بل ويتعلمون النفاق والكذب؛ لأنهم يعتنقون عقيدة ذات جانب عملي كبير، ويتعلمون أصولها وأبعادها في النفس والروح والخلق. ولكنهم يرون من يعلمونهم إياها لا يطبقون من تعاليمها شيئا. وهم إن غفروا للبيت والشارع تقصيره في أمور الدين، فإنهم لم ولن يغفروا للمعلم أو للمدرسة هذا التقصير. وبناء عليه فإن منهج التربية الإسلامية في المدارس الابتدائية بالذات. يجب أن يكون تطبيقا أكثر منه نظريا. وأن يقوم بتدريسه جماعة يمتازون بالعلم والعمل وحسن الخلق.

<<  <   >  >>