تتفق ومبادئ الدين وسماحته. يحترم والديه وأقاربه ويبرهم، يواسي إخوانه ويساعدهم، يقوم بحقوق أهله وزوجه وعشيرته. يحسن تربية أبنائه ورعايتهم، يثقف عقولهم ويهذب نفوسهم، لا يؤذي جاره في نفسه أو عرضه أو ماله، لا يغتاب أحدا ولا يكون نماما واشيا، لا يكذب إذا حدث، ولا يخلف إذا وعد، لا يخون إذا اؤتمن، صادقا وفيا أمينا، لا يغش إذا باع أو اشترى. لا يطفف كيلا ولا ميزانا, لا يماطل أحدا في دينه ولا يبخسه حقه. إذا عهد إليه في عمله أتقنه وأداه على أكمل وجه في غير تسويف ولا تأخير. إذا تولى أمر الناس أحسن رعايتهم ولم يغفل عن النظر في مصالحهم والعدل فيما بينهم، ولم يكن لغير الحق سلطان على نفسه، فلا يحابي العظماء والأقوياء ولا يضيع حقوق الضعفاء والفقراء.
فالدين يضع الضوابط الاجتماعية التي تكفل الأمن والسلام للناس. ويعمل بروحانيته على التأثير في نفوس البشر، فيهذبهم ويوجههم وجهة الخير ويسمو بوجدانهم. ويرتقي بميولهم، ويعلي غرائزهم، ويعدل طباعهم فيجعلها متفقة ومنهج الخير العام الذي يحقق مصلحة الناس وسعادتهم. والدين وحده هو الذي يؤلف بين القلوب، ويدعم الوحدة بين النفوس ويخلق من المجتمع قوة متماسكة، يخشى بأسها ويرهب جانبها؛ لأن هذه الرابطة الدينية إنما تستمد قوتها من امتزاج الأرواح والإخلاص لله وتطهير القلوب. وهي التي تجعل التعاون في سبيل غاية سامية، يهيم بها الوجدان، وتهفو إليها الأفئدة لا تشوبها الأكدار المادية، والأطماع الدنيوية، ولا تزلزلها الأحداث والمحن.
وإذا نظرنا إلى أسرة مترابطة متآلفة على أسس من الدين، وجدنا بناءها يقوم على المحبة في الله، والإخلاص من أجله. والتعاون في سبيله فلا تستطيع أحداث الدهر أن تحطمها أو تفرق بينها. أما الذين يعيشون على المنفعة والغايات