يهم بالخصائص الفردية من الذكاء والمواهب إلى جانب الخصائص الاجتماعية التي تستمر في عمل دائب محاولة جذب الأفراد الذين يتمتعون بالقيم الفردية من التفوق والنبوغ ليعملوا مع الجماعة ولخيرها. سواء أكان تفوق الفرد من الوراثة الفردية أو الاجتماعية. ويرى علماء النفس الاجتماعي أن الفرد الممتاز إنما هو نتاج الجماعة. ومحصلة قيمها الأخلاقية والفكرية والاجتماعية.
وليست هذه النظريات التي أشرت إليها في إيجاز شديد وليدة إبداع فكر الغرب كما يدعون، وإنما ترجع في أصولها إلى القرآن الكريم ومبادئه الأخلاقية التي جاء يخاطب بها "الإنسان" في مواضع كثيرة {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} كما يخاطب بها الناس {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَه}{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} وبعد أن يحرك الشعور الفردي والجماعي بمخاطبة الفرد والجماعة يخص المؤمنين بالنداء تلو النداء الذي يدل على أهمية هؤلاء وامتيازهم وسط المجتمع الإنسان كله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم} ، والقرآن حين يخاطب "الإنسان" لا يريد إنسانا من جماعة معينة، وإنما يريد كل إنسان على الأرض يحمل صفات الإنسانية وسماتها، فدعوته حتى وهي في مظهرها فردية، في حقيقتها جماعية؛ لأنها إنما تخاطب الإنسان أيا كان شكله أو لونه أو منهجه، فهو يدمج الفرد في الجماعة ويدمج الجماعة في الفرد بحيث يشعر الفرد أنه جزء من كل، ويشعر الكل أنه مؤلف من أجزاء متماسكة "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" فالإسلام يربي المؤمنين على التماسك، ويدعوهم إلى الرحمة والمودة ويوجد