الحمد لله الذى علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان، حمدًا لا يحصيه اللسان، ولا يعده البنان، ونشكره على آلائه المتكاثرة، ونعمائه المتواردة المتوافرة، على أن هدانا الصراط المستقيم، وجعلنا من أمة نبيه الكريم، محمد المصطفى، المختص بالخُلق العظيم، سيد الأنبياء والمرسلين، وحبيب رب العالمين - صلى الله عليه وسلم -، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى خلفائه الراشدين، وصحبه أجمعين، والرضوان على من تبعهم من المسلمين إلى يوم الدين، وبعد:
يقول العبد الفقير إلى رحمة ربه الغنى، أبو محمد محمود بن أحمد العينى، عامله ربه ووالديه بلطفه الخفى، يقول: إن أولى ما تصرف فيه الأعمار، وأحرى ما تتوجه إليه الألباب والأفكار، وأعظم ما تميل إليه أعناق الهمم، وأفخم ما تتنافس فيه كرام الأمم، هو الاشتغال بعلم الأحاديث النبوية المحمدية، والاحتفال بالآثار والأخبار الأحمدية، ومعرفة مصادرها ومواردها، وإتقان متونها وأسانيدها، وضبط رواتها ورجالها الأثبات، وحل ما فيها من المشكلات والمعضلات، كيف لا وهى أسس الشريعة، وإلى معرفة أحكام الدين أقوى الذريعة؟
ولقد تعب فى جمعها، وتنقيحها، وتأليفها، وتوشيحها، جمع من السلف، وطائفة من الخلف، وبذلوا فيها المهج والأرواح، وأتعبوا فيها النفوس والأجساد، مع الترداد من بلاد إلى بلاد بالاقتصاد والاجتهاد، حتى دونوها فى القراطيس، وأملوها فى الكراريس، منهم علامة الدهر والبلاد، وحجة الله وآية فى العباد، الإمام المسند الرحالة الحافظ الضابط المقبول بين الأئمة الأجلاء، مقتدى السلف، وقدوة الخلف، الإمام أبو جعفر