ثم بعد وصولى إلى موطنى المستقر، واستراحتى من محب كأب السفر، رأيت أن أسير أولاً فى أوراق أسماء رواة ذلك الكتاب بأسرها، لوجوه لا تخفى على من ألم بهذا الفن من أهل الفضل والنهى، فجمعتها على ترتيب حروف الهجاء المشتهر، ثم أضفت إليها التراجم أخذًا من التجريد المستطر، ضامًا إليه ما تقرر فى كتب النقد، للذين هم فى هذا الشأن أهل الحل والعقد، ولم أل جهدًا فى الافتحاص عما لهم من الأحوال، وتتبع ما كان فيهم للنقاد والأجياد من الأقوال، وبالغت فى ذلك إلى غاية فحص الفاحص، على حسب ما يبلغ مدى نظرى الناقص، فلما استتب هذا المقصود المحمود، ونجوت فى هذا المسلك الصعب عن الهبوط والصعود، حولته بعون الله تعالى إلى البيض من السود، فلعله إن شاء الله تعالى صار كأنه الدر المنضود، والدر المشهود، وسميته كشف الأستار عن رجال معانى الآثار، ووسمته بالحياة لما فى الطحاوى من الرواة. ثم إن كل راو له ذكر فى التقريب، أو تهذيب التهذيب، فأذكر عن الثانى خلاصة ما يميزه عن غيره، وأما الأول فأورد غالبًا ما أورده فيه بأسره، وأكتفى فى هؤلاء الرواة على الأكثر على ما فيها من التخريج والتوثيق، فإنهما الأن هما القدوة فى هذا الشأن عند أهل التنقيد والتحقيق، ولا أزيد عليه إلا ما شاء الله وهو ولى التوفيق.