للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيئاً، واستباحوه، أو تمتعوا به، ولم يُحرم ذلك عليهم، ثم أخبرنا أنه

محرم علينا، فنسخ ما كان أخبرنا به أنه كان مباحاً لمن كان قبلنا، فهذا

نسخ المسكوت عنه من فهم الخطاب؛ لأنه قد فهم من قوله (تَتخِذُوْنَ

مِنْهُ سَكَراً) أنه كان مباحاً لهم، وسكت عن حكمنا فيه، فجاز أن

يكون لنا مباحاً أيضاً، ثم نسخ جواز إباحته بالتحريم في المائدة، وهذا

غير صحيحٍ؛ لأنا لم نفهم من قوله عز وجل: (تَتخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً)

أنه كان مباحا لهم، ولو فهمنا ذلك مثلاً لم ندر ما حكمه فيه علينا؟

فكما يجوز أن يكون مباحاً لنا، كذلك يجوز أن يكون محرماً علينا، ثم إن

القرآن إنما ينسخ القرآن، وليس تجويزنا أن يكون مباحاً لنا بقرآن.

فينسخ على أن الله عز وجل قد أومأ إلى تحريمه، وعرض بذمه بقوله عز

وجل بعده: (وَرِزْقًاً حَسَناً) ، فأشار بذلك إلى أن السكر رزق مذموم

غيرحسن.

وقال أبو عبيدة: السكر الطعم، وقيل: السكر ما سدَّ الجوع.

وفيما قدمته ما يغني عن هذين التأويلين.

الثاني: قوله عز وجل: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٨٢) .

قالوا: نسخ بآية السيف، وقد تقدم مثل هذا، والجواب عنه: وَإِنما المعنى:

فإنما عليك البلاغ، وليس عليك هداهم.

الثالث: قوله عز وجل: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ)

قال قوم: نسخ هذا بقوله: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)

وقد بينت أن

<<  <   >  >>