والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة، أو
بمشرك، وحرم ذلك أي وحرم الزنا على المؤمنين، واختار هذا القول
الطبري.
وقال في قوله عز وجل: (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)
أي وحرم على المؤمنين نكاح المشركات الوثنيات، وعلى المؤمنات نكاح
المشركين، وليس هذا القول بمستقيم، وأي فائدة في الإخبار بأن الزاني
لا ينكح إلا زانية أي لا يطإ إلَّا زانية، وفي أن الزانية لا يطؤها إلا زانٍ؟
ورد قوم من العلماء القول بأن المراد بالنكاح الوطء، بقوله عز وجل:
(وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ، وقال: هو محرم على المؤمنين.
وغيرهم..
وإنما المراد بالنكاح التزويج أي وحرم نكاح البغايا والزناة، وهذا
الرد غير سديد؛ لأنه لا يلزم من قوله عز وجل: (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أن يكون مباحاً لغيرهم، وقد قال عز وجل:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) و (حرمت عليهم أمهاتُكم) الآية، وإنما رده
بما ذكرته.
وقال صاحب الكشاف في هذه الآية: الفاسق الخبيث الذي من
شأنه الزنا والتقحب لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء، واللائي
على خلاف صفته، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله، أو مشركة.
والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من
الرجال، وينفرون عنها، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة.
أو المشركين، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها.
وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنا مُحرم عليه - محظور