لما فيه من التشبه بالفساق، وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة
فيه، والغيبة، وأنواع المفاسد، ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرض
لاقتراف الآثام، فكيف بمزاوجة الزواني، والقحاب.
وقد نبه تعالى على ذلك بقوله (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) .
وقد قال هذا، وهو يحسب أنه قد قال شيئاً.
ومتى كان الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة؟
بل الزاني المتوغل في الزنا أكثر غيرةً من غيره.
ألا ترى إلى قوله "بقدر العفة تكون الغيرة"
فهو لا يرضى لنفسه أن تكون قعيدة بيته إلَّا في أبلغ درجات التصون، وتراه يتخيل من أدنى شيء لما عرفه من أحوال الزناة، ولهذا أجاز مالك - رحمه الله - ولاية الفاسق في النكاح.
ومتى أبيح للزاني نكاح المشركة الوثنية حتى لا يرغب إلا فيها؟
ومتى رأينا الزناة يطلبون المشركات لنكاحهن كتابيات أو
غبر كتابيات؟ ثم إن نكاح المشركات ليس فيه شيء مما ذكر، ولو كان
فيه ذلك، لما أباح الله عز وجل نكاح الكتابيات، وأحله للمؤمنين.
فكيف تكون مخالطتهن والكون معهن محرم على المسلمين؟.
ْفإن قيل: فما بقي للآية معنى تحمل عليه؟
قلت: معناها تنفيرهمْ عن الزنا، وتقبيحه في نفوسهم؛ لأنّه عز وجل ذكر في الآية التي قبلها حذ الزاني، ونهى عن الرأفة بمن زنا، وذكر أنها لا تجامع
الإيمان، ثم قال في هذه الآية كالمؤكد لذلك إذا كان الزاني المشهور
بالزنا غير مرضي لنكاح من وليتم أمره، بل هو مردود عن ذلك مصدود
استنكافاً له، فلا ينكح إلا زانية مثله، والزانية لا تجد ناكحاً لهجنتها إلا