وقوله عزّ وجلّ في هذه السورة: (وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)
هو الوقف ولا يظهر فيه الوقف على "كلا" إذ ليس قبلها ما يرد، ويبتدأ
بـ "كلَّا" على معنى "ألا" أو "حقاً"، وقد قال قوم: إنها رد، لأن عزّ
وجل لَمَّا أنزل (عليها تسعة عشر) قال بعضهم لأصحابه: أنا أكفيكم
سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين، واختاره الطبري، وليس في سياق
الكلام ما يدل على ذلك، فيرد.
وقال قوم: هي ردّ؛ لأنّهم أنكروا أن يكون (ذكرى للبشر) ، قالوا فيقف القارئ عليها على هذا المعنى، وما هو بمستقيم؛ لأنهم إنما قالوا: ماذا أراد الله بهذه العدة؟ ولم يردوا قوله عَزّ وجل (وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) ، فيرد عليهم ذلك.
وقال الفراء: التقدير: إي والقمر، فكلا صلة للقسم بعدها، فلا
يوقف عليها، وقوله عز وجل: (يؤئى صُحُفاً مُنَشَرَةً كَلَّا)
وقف جيد، والرد فيه وجهه ظاهر، والابتداء
بها على معنى "ألا" ومعنى "حقاً" سائغ.
الموضع الرابع قوله عز وجل: (كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلَّا)
يوقف على "كلا" على أنها تأكيد للتي قبلها في قول
الكسائى، وأبي حاتم، ونصير، وفيه بعد من جهة أنّ المؤكد إنما
أي (كلا والقمر) الآية التي بعدها (وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)