للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودرس العلماء والفقهاء أحكام أهل الفترة؛ لأنهم بعدوا عن الرسالة السابقة، ولم تأتهم رسالة جديدة، وهذا حال يرفع عنهم المسئولية أمام الله تعالى عند جمهور العلماء.

والعرب من الأمم التي طالب الفترة بهم، ولم يأتهم رسول منذ إسماعيل عليه السلام، يبين الله ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} ١.

وصلة هذا المبحث بآباء النبي صلى الله عليه وسلم تلمس الإنصاف لهم؛ لأن آباءه القريبين ابتداء من كلاب لم يكن لهم دور ديني واضح، مع ثبوت عدم تأليههم للأصنام، وسبب ذلك أنهم كانوا من أهل الفترة التي لا وجود فيها لدعوة دينية.. وأقصى ما كانوا فيه أنهم من الحنفاء الموحدين، الباحثين عن الحقيقة، التي تجلت أمامهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم.

يذهب جمهور العلماء إلى أن أهل الفترة ناجون؛ لأنه لا تكليف قبل البعثة بدلالة الآيات التالية:

يقول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ٢ والآية أساس للجمهور الذين يرون أن وصول الرسالة إلى الناس شرط للمسئولية، يقول قتادة: "إن الله ليس بمعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبر، أو تأتيه من الله بينة"٣.

ويقول الله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ٤ والآية واضحة في ثبوت العذر لأهل الفترة على عدم إيمانهم، ودلالتها على ضرورة تبليغ الدعوة على وجهها الصحيح عن طريق رسول الله، أو بواسطة من يكلفه من الدعاة.


١ يس آية ٦.
٢ سورة الإسراء آية ١٥.
٣ تفسير القرطبي ج١ ص٢٥١.
٤ سورة القصص آية ٤٧.

<<  <   >  >>