للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تحدث القرآن عن هذه القرابة في مجال حث أهل مكة على الإيمان؛ حيث يقول تعالى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ١.

فهي تشير إلى القرابة المعروفة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل مكة، والتي يجب أن تدفعهم إلى الإيمان بالإسلام أداء لحق المودة، والقرابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقول تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ٢..

والآية تتضمن -كما هو ظاهر- دلالة قاطعة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له في مكة عشيرة، أو بطن خاص يلتحم به التحام القرابة العصبية المباشرة، مع التحام هذا البطن الخاص بوشائج القربى مع سائر بطون قريش، والقرائن القرآنية مضافة إلى أخبار السيرة والروايات، تدل على أن هذا البطن الخاص كان ذا مكانة محترمة، وملك جانبا عزيزا بين الناس.

لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من المسلمين بالهجرة من مكة إلى الحبشة بسبب ما نالهم من اضطهاد قريش، لمتابعتهم النبي صلى الله عليه وسلم وعدم وجود من يحميهم وينصرهم، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعه غيره من رجالات المسلمين القرشيين لم يهاجروا، وظل يقوم بدعوته قويا صريحا واضحا في الإنكار والتخويف والإنذار بلسان القرآن، معتمدا على الله تعالى الذي جعل له من أقربائه أنصارا، مع أنهم لم يؤمنوا بالإسلام٣.


١ سورة الشورى آية ٢٣.
٢ سورة الشعراء آية ٢١٤.
٣ يراجع في هذه القضية مواقف عمه أبي طالب الذي عاش حياته مدافعا عن محمد صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يؤمن، وقصة إسلام حمزة التي قامت دفاعا عن محمد صلى الله عليه وسلم، واشتراك بني هاشم والمطلب مع المسلمين في حصار الكفار لهم.. وكلها تدل على ما كان للقرابة والعصبية من نصرة ومساندة.
ويجب أن ينظر إلى أن الهجرة إلى الحبشة كانت للمحافظة على روح وقوة الجماعة المسلمة، ولإيصال الإسلام خارج جزيرة العرب.

<<  <   >  >>