للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يذهب أغلب علماء التاريخ وكُتَّاب السيرة إلى أن عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم مات والرسول حمل في بطن أمه، يقول ابن إسحاق: "ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أن توفي وأم رسول الله حامل به"١، ولم يترك عبد الله مالا يورثه لزوجه وولده، اللهم إلا جاريته أم أيمن، وخمسة جمال، وقطعة من غنم٢.

ولذلك ولد النبي يتيما فقيرا لحكمة أرادها الله تعالى..

إن اليتم في حد ذاته منقصة للوليد، وبخاصة في مجتمع يفتخر بالأنساب والأحساب والقبيلة والجماعة، إن الوليد

في نشأته بعيدا عن أبيه يعيش منعزلا، لا يحسن معاملة الناس، وينمو ضعيفا في بدنه وسلوكه، لا يتمكن من مواجهة مصاعب الحياة، وإذا وجد مع اليتم الفقر، فإن الصغير يعيش مهملا، لا يهتم به أحد، وإن اهتم به أحد فلتسخيره واستغلاله.

من أين لليتيم بأبوة حانية؟!.. تتعهده غلاما، وتربيه طفلا، وتوجهه شابا يافعا، وتدفعه إلى غمار الحياة رجلا مسئولا.

وأين لليتيم من رعاية شاملة، تحافظ عليه في نومه، ويقظته، وسكونه، وحركته، وراحته، وعمله؟..

ومن أين لليتيم من ينصره، ويعينه في مواجهة الخطوب والحوادث؟

فإذا ما انضم إلى اليتم الفقر، فالنتيجة أسوأ وأظلم..

إن اليتيم الفقير لا ينال التعليم الذي يريده، ولا يتمكن من نيل الأعمال التي يرغبها؛ لأن غيره أسبق إليها منه، وله من يساعده، أما اليتيم الفقير فإن الجميع ينصرفون عنه، ولا يهتمون بشأنه!!!

ذلك هو منطق الواقع والحياة.

فاليتيم ضعيف، مهمل، منعزل، تؤثر معيشته في خُلُقه وسلوكه..


١ سيرة النبي ج١ ص١٥٨.
٢ سبل الهدى والرشاد ج١ ص٤٠٠.

<<  <   >  >>