للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضعتيه فسميه محمدا"١.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فضل تسميته محمدا ويقول: "ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمما، وأنا محمد" ٢.

يقول القاضي عياض: "وقد سماه الله تعالى في كتابه محمدا وأحمد، فمن خصائصه تعالى له أن ضمن أسماءه ثناءه، فطوى أثناء ذكره عظيم شكره، فأما اسمه أحمد فأفعل مبالغة من صفة الحمد، ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد، وتكرره فهو صلى الله عليه وسلم أجل من حمد، وأفضل من حمد، وأكثر الناس حمدا، فهو أحمد المحمودين، وأحمد الحامدين، ومعه لواء الحمد يوم القيامة؛ ليتم له كمال الحمد، ويشتهر في تلك العرصات بصفة الحمد، ويبعثه ربه هناك مقاما محمودا كما وعده، يحمده فيه الأولون والآخرون، وفي هذين الاسمين من عجائب خصائصه، وبدائع آياته، وهو أن الله عز وجل حمى اسمه أن يسمى بهما أحد قبل زمانه.

أما أحمد الذي أتى في الكتب، وبشرت به الأنبياء، فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمى أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك.

وكذلك محمد أيضا لم يسم به أحد من العرب، ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلى الله عليه وسلم وميلاده أن نبيا يبعث اسمه محمد، فسمى قوم من العرب أبناءهم بذلك، رجاء أن يكون أحدهم، وهم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد بن خزاعة السلمي، لا سابع لهم، ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدعي النبوة، أو يدعيها أحد له، أو يظهر عليه سبب يشكك أحدا في أمره، حتى تحققت السمتان "الحمد والثناء" له صلى الله عليه وسلم ولم ينازع فيهما"٣.


١ الروض الأنف ج١ ص١٨٢.
٢ صحيح البخاري ج٦ ص٤٣٥.
٣ الشفا للقاضي عياض ج١ ص٢٢٩-٢٣١.

<<  <   >  >>