للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومروا جميعا على آمنة، فرأوا ولدها يتيما فقيرا، فتركنه لقلة الأجر، وضآلة العطاء المنتظر من يتيم فقير.

ووجد النسوة عند أبناء الأثرياء ما يأملون، ما عدا حليمة السعدية، فإنها كانت فقيرة ضعيفة، رأت الأمهات منها ما صرفهن عن اختيارها مرضعة لأبنائهم، فلبنها قليل، وجسدها نحيل، وأتانها هزيل، والفقر باد عليها، فانصرفوا عنها إلى غيرها.

ووجدت حليمة نفسها مضطرة لأخذ محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا تعود لديارها خاوية الوفاض، فكان في أخذها له الخيرة والبركة، وظهر ذلك في كافة جوانب حياتها وأسرتها، ونعمت بهذا الخير هي وقومها بعد ذلك.

وحليمة هي بنت أبي ذؤيب، وهو عبد الله بن الحارث بن سعد من هوازن، وتعرف بحليمة السعدية، وكنيتها أم كبشة.. وزوجها هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من هوازن كذلك، ويكنى بأبي كبشة.

وقد شرَّفها الله تعالى بإرضاع محمد صلى الله عليه وسلم، فصارت له أما، وصار زوجها له أبا، وصار أبناؤها إخوته، وهم: عبد الله بن الحارث، وحفص بن الحارث، وأمية بن الحارث، والشيماء، وهي خذامة بن الحارث، وقد أكرمها الله تعالى، ففاض الخير في كل جوانب حياتها ببركته صلى الله عليه وسلم، رغم أنها لم تكن راغبة فيه، ولولا انصراف الوالدات عنه ما أخذته.

تحكي حليمة قصتها مع رضاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر، نلتمس الرضعاء بمكة، على أتان لي قمراء قد أدمت بالركب، وخرجنا في سنة شهباء، لم تبقِ لنا شيئا، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى، ومعنا شارف لنا، والله إن يبض علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي ما نام ليلنا أجمع، من بكائه من الجوع، ما في ثديي ما يمصه، وما في شارفنا من لبن

<<  <   >  >>