للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقوم بدوره مع جده وأعمامه وقومه.

وأخذته حليمة وعادت به سعيدة مرة ثانية، وفرحت بذلك، إلا أنها اضطرت إلى إعادته لأمه حين بلغ عمره خمس سنوات وشهرا، ولم تره بعد ذلك إلا مرتين، الأولى: بعد تزويجه صلى الله عليه وسلم خديجة، والثانية: يوم حنين، وسيأتي ذكرهما إن شاء الله تعالى.

وكانت آمنة قد أوصت حليمة بمحمد، وعرفتها بما حصل معها، في حملها وولادته، وبينت لها ما رأت وما شاهدت من كرامات صاحبت مولده، وقالت لها: احفظي ابني هذا، واحذري عليه الرهبان والكهان.

تقول حليمة: مر بي بعض اليهود فقلت لهم: ألا تحدثوني عن ابني هذا؟! فإني حملته كذا، ووضعته كذا، ورأيت كذا! كما قالت أمه.

تريد حليمة بذلك أن تعرف شيئا عن الأسرار المتصلة بهذا الغلام المبارك.

تقول حليمة: لما رآه اليهود، قال بعضهم لبعض: اقتلوه.

وسألوها: أيتيم هو؟

فقلت لهم: لا، هذا أبوه، وأنا أمه.

فقالوا: لو كان يتيما لقتلناه.

فذهبت به حليمة وقالت: كدت أخرب أمانتي١.

يقول ابن إسحاق: وحدثني بعض أهل العلم أن الذي أهاج أمه السعدية على إعادته لأمه أن نفرا من نصارى الحبشة رأوه معها، حين رجعت به بعد فطامه، فنظروا إليه، وسألوها عنه، وقلبوه، ثم قالوا لها: لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا، فإن هذا غلام كائن له شأن، نحن نعرف أمره.. يقول ابن إسحاق: إنها لم تكد تنفلت به منهم٢.


١ الطبقات الكبرى ج١ ص٧١.
٢ سيرة النبي ج١ ص١٦٧.

<<  <   >  >>