للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، وبينما هو قائم عليهم، يناشدهم ألا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إذا رأوه عرفوه بالصفة فيقتلوه، فالتفت فإذا بسبعة قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟

قالوا: جئنا لهذا النبي الذي أظلنا زمانه، فلم يبقَ طريق إلا بعث إليه بأناس منا، وإنا قد بعثنا إلى طريقك هذا.

فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟

قالوا: إنما اخترنا خيرتنا لك، لطريقك هذا.

قال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟

قالوا: لا.

فلما رد الرومان قال لأبي طالب ومَن معه: أنشدكم الله أيكم وليه؟

قالوا: أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب"١.

ويبدو أنها حادثة أخرى؛ لأن رواية ابن إسحاق كان التحذير من اليهود، والتحذير في هذه الحادثة كان من الروم، وأيضا فإن الحادثة الأولى حددت اسم الراهب وهو بحيرى، بينما هذه الحادثة لم تذكر اسما معينا.

وخلاصة هذه المرويات تثبت هذه الرحلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومصاحبته لعمه، ومعرفة أهل الكتاب بقرب مبعثه، وكراهيتهم لعروبة هذا النبي المبعوث الذي تمنوه منهم، يقول الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} ٢.


١ الجامع الصحيح سنن الترمذي ج٥ ص٥٩٠.
٢ سورة البقرة آية ٨٩.

<<  <   >  >>