وعبد الله بن جدعان من بني تيم ابن عم عائشة رضي الله عنها، وكان في بدء أمره صعلوكا، ترب اليدين، وكان مع ذلك شريرا فاتكا، لا يزال يجني الجنايات، فيعقل عنه أبوه وقومه، حتى أبغضته عشيرته، ونفاه أبوه، وحلف ألا يؤويه أبدا لما أثقله من الغرم، وحمله من الديات، فخرج في شعاب مكة حائرا بائرا، يتمنى الموت أن ينزل به، فرأى شقا في جبل، فظن فيه حية، فتعرض للشق يرجو أن يكون فيها ما يقتله فيستريح، فلم يرَ شيئا، فدخل فيه وإذا في وسط البيت كوم عظيم من الياقوت، واللؤلؤ، والذهب والفضة، والزبرجد، فأخذ منه ما أخذ ثم علم الشق بعلامة، وأغلق بابه بالحجارة وأرسل إلى أبيه بالمال الذي خرج به يسترضيه ويستعطفه، ووصل عشيرته كلهم، فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس، ويفعل المعروف١.
من آثار حلف الفضول:
وقد أفاد حلف الفضول كثيرا من المظلومين المعتدَى عليهم، فلقد أخذ الزبيدي سلعته من العاصي بن وائل كما رأينا.
ويقال: إن رجل من خثعم قدم مكة معتمرا، أو حاجا، ومعه بنت له يقال لها: القتول، من أوضأ نساء العالمين، فاغتصبها منه نبيه بن الحاج، وغيبها عنه.
فقال الخثعمي: من يعديني على هذا الرجل.
فقال له: عليك بحلف الفضول.
فوقف عند الكعبة، ونادى: يا لحلف الفضول.
فإذا هم يأتون إليه من كل جانب، وقد انتضوا أسيافهم يقولون: جاءك الغوث، فما لك؟