للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا له: أخرج الجارية ويحك! فقد علمت من نحن، وما تعاقدنا عليه.

فقال: أفعل، ولكن متعوني بها الليلة.

فقالوا له: لا والله، ولا شخب لقحة، فأخرجها إليهم١.

ومن آثاره ما رواه ابن إسحاق من أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان -والوليد يومئذ أمير على المدينة، أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان- منازعة في مال كان بينهما بذي المروة، فكان الوليد تحامل على الحسين في حقه؛ لسلطانه وجاهه.

فقال له الحسين: أحلف بالله لتنصفني من حقي، أو لآخذن سيفي، ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول.

فقال عبد الله بن الزبير وهو عند الوليد حين قال الحسين رضي الله عنهم ما قال: وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي، ثم لأقومن معه، حتى ينصف من حقه، أو نموت جميعا.

فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، فقال مثل ذلك.

وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، فقال مثل ذلك.

فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي٢.

وقد اهتم الفقهاء والعلماء بأمر هذا الحلف.. وأجابوا على من يسأل عن جواز المناداة بحلف الفضول، قائلا: يا لحلف الفضول!!

فقالوا: إن الإسلام قد رفع ما كان في الجاهلية من قولهم: يا لفلان عند التعصب والتحزب، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع رجلا يقول: يا للمهاجرين!.. وآخر يقول: يا للأنصار!..

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها منتنة"..


١ الروض الأنف ج١ ص١٥٧، ومعنى شخب لقحة: لا نتركك قدر شرب نقطة من لبن الناقة.
٢ سيرة النبي ج١ ص١٣٤، ١٣٥.

<<  <   >  >>