للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنودي: عورتك، عورتك، فما رؤي لرسول الله عورة بعد ذلك١.

وجاء في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وعمه العباس ينقلان الججارة، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على رقبتك، فخر إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء، فقال: "أرني إزاري"، فشده عليه٢.

وتجمع قبائل مكة في بناء الكعبة، واشتراك الكبار والصغار دليل على منزلة الكعبة في قلوب وعقول سائر القبائل؛ لأنهم كانوا يرون أنها بيت الله تعالى، والذي بناها هو إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام، وأنها وديعة الله في أرضه للناس، وهم مسئولون عنها.

وأن المرء ليحار وهو يرى هذا الاهتمام بالكعبة، ويرى في نفس الوقت الأصنام وقد وضعوها حولها..

فهل هذا اهتمام بالأصنام حيث وضعوها في هذا المكان المقدس، أم هو اهتمام بالكعبة آملين أن تفيض على أصنامهم ببعض ما فيها من خير وبركة؟!

لقد أدت روح العصبية في القبائل إلى أن تبحث كل منها عن تميز لها تعلو به على غيرها من القبائل.. فلعب الشيطان بهم، ووجههم إلى تعدد الآلهة، وأعمى عقولهم عن الحق والصواب.

لقد كادت هذه العصبية أن توقع الحرب بين القبائل يوم بناء الكعبة..

فبرغم أنهم جزءوا جدران الكعبة، وجعلوا لكل قبيلة جزءا تقوم ببنائه، إلا أنهم لما ارتفعوا بالبناء إلى مستوى الحجر الأسود، ويسمونه بالركن، من باب تسمية الشيء باسم محله؛ لأنهم يضعون الحجر في ركن الكعبة، لما بلغوا هذا المستوى اختلفوا فيمن يرفعه بيده، ويضعه في مكانه..

يقول ابن إسحاق: ثم إن القبائل من قريش


١ البخاري - كتاب الحج - باب فضل بناء الكعبة ج٣ ص٤٣٩.
٢ صحيح البخاري بشرح فتح الباري - كتاب الحج - باب فضل مكة وبنائها ج٣ ص٤٤٢.

<<  <   >  >>