٢ لم يكن حزنه صلى الله عليه وسلم من أجل أمور الدنيا، وإنما كانت تتوارد الأحزان لأسباب متعددة، ترجع إلى دين الله تعالى والشفقة على خلق الله تعالى؛ ولذا كانت الآيات تنزل في تسليته صلى الله عليه وسلم وتخفيف شدة الأسى عنه. ٣ والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم كان دائم التفكر في أمور الأمة ولا يصلح شئونهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة، ومن ثَمَّ ليست له راحة. ٤ يعني: أنه صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت، لا يتكلم إلا في حاجة دينية أو دنيوية، فيتحرز عن الكلام الذي لا فائدة منه؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} . ٥ والمعنى: أن كلامه صلى الله عليه وسلم كان محفوا بذكر الله تعالى بدءا وانتهاء. ٦ أي: بكلمات قليلة الحروف، جامعة لمعانٍ كثيرة. ٧ يعني: أن كلامه صلى الله عليه وسلم فاصل بين الحق والباطل، ومفصل لا يتداخل في بعضه، بحيث يتلقاه السامع بوضوح دون التباس، لا يكثر فيمل، ولا يقصر فيخل. ٨ أي: ليس هو صلى الله عليه وسلم بالجافي الغليظ الطبع، السيئ الخلق، ولا بالمهين لخلق الله تعالى، ولا بالمهين: أي المبتذل الذليل، بل هو الفخم، المفخم، الموقر، المعظم صلى الله عليه وسلم. ٩ فهو صلى الله عليه وسلم يعظم نعم الله تعالى الكبيرة والصغيرة، الظاهرة والباطنة، ولا يذم منها شيئا، كما وأنه صلى الله عليه وسلم لا يذم ذواقا -أي مذوقا- من المأكولات أو المشروبات التي أباحها الله تعالى؛ لأن في الذم كفران النعمة، وهو شأن المترفين المتكبرين، كما وأنه صلى الله عليه وسلم لا يمدح ذواقا؛ لأن ذلك شأن ذوي الشره والنهمة المذمومة. ١٠ أي: فإذا تعدى أحد الحق وجاوزه إلى الباطل غضب صلى الله عليه وسلم غضبا لا يقاومه شيء، ولا يدفع غضبه شيء حتى ينتصر للحق بالحق.