للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وراءه من سبب وغاية!!!..

في هذا الكون المتحرك كان يلتمس الحقيقة العليا، وكان ابتغاء إدراكها يسمو بنفسه ساعات خلوته ليتصل بهذا الكون، وليخترق الْحُجُب وصولا إلى مكنون سره.

ولم يكن في حاجة إلى كثير من التأمل ليرى أن ما يباشره قومه من شئون الحياة، وما يتقربون به إلى آلهتهم ليس حقا.

فما هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، ولا تخلق ولا ترزق، ولا تدفع عن أحد غائلة شر تصيبه؟!..

وما هبل، واللات، والعزى؟!!..

وكيف تكون آلهة، وهي مصنوعة بأيديهم؟!!

وما كان هذه الأنصاب والأصنام القائمة في جوف الكعبة أو حولها، إنها لم تخلق يوما ذبابة، ولا جادت مكة بخير!

ولكن!

أين الحق إذن؟

أين الحق في هذا الكون الفسيح بأرضه وسماواته ونجومه؟

أهو في هذه الكواكب المضيئة التي تبعث إلى الناس النور والدفء، ومن عندها ينحدر ماء المطر، وتأتي للناس، ولأهل الأرض كافة من خلائق، أسباب الحياة من الماء والهواء والنور والدفء؟

كلا! فما هذه الكواكب إلا أفلاك كالأرض سواء.

أهو فيما يتصوره وراء هذه الأفلاك من أثير لا حد له، ولا نهاية له؟

ولكن ما الأثير؟

وما هذه الحياة التي تحيا اليوم فتنقضي غدا؟ ما أصلها؟! وما مصدرها؟!

أمصادفة تلك التي أوجدت الأرض؟! وأوجدتنا عليها؟

لكن للأرض وللحياة سننا ثابتة لا تبديل لها، ولا يمكن أن تكون المصادفة أساسها.

<<  <   >  >>