أخلاقه الكريمة، وطريقته الحسنة، فأرادت الاستظهار بمسيرها به إلى ورقة؛ لمعرفتها بصدقه، ومعرفته وقراءته الكتب القديمة، فلما سمع كلامه أيقن بالحق، واعترف به، وأشار الإسماعيلي كذلك إلى أن الحكمة في ذكره صلى الله عليه وسلم ما اتفق له في هذه القصة: أن يكون سببا في انتشار خبره، في بطانته، ومن يستمع لقوله، ويصغى إليه، طريقا في معرفتهم مباينة من سواه في أحواله لينبهوا على محله١ ويعرفوا مقامه صلى الله عليه وسلم.
ومع لقاء جبريل برسول الله صلى الله عليه وسلم وإقرائه أول سورة العلق نلاحظ بعض الملاحظات:
الأولى: غط جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات؛ ليجعل التفاته وفكره إليه وحده، دون الانشغال بغيره، ويعرفه بثقل الرسالة، وضخامة المسئولية، ويتعود على التلقي من الوحي فقط.
وليكن صبورا حين التبليغ.
ويعلم أن تكرار الطلب منهج في نشر دين الله تعالى.
وليتأكد صلى الله عليه وسلم بتكرار الغط أن ما يحدث حقيقة واقعية ملموسة، وليست خيالا أو وهما.
لقد كان جبريل عليه السلام في أشد الاشتياق للقاء محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك ضمه إليه، وقبله أكثر من مرة.
كان من الممكن أن يلقن جبريل عليه السلام محمدا صلى الله عليه وسلم بما يلقنه شفاهة من بعد، ويمضي، لكنه فعل ذلك بأمر الله تعالى؛ ليؤكد خطورة الأمر، وأهميته، وضرورة بذل الجهد، وتحمل المشاق في أداء الواجبات الخطيرة، وهل هناك أخطر من مهمة الرسالة والدعوة؟!!
وكان من الممكن أن يتم اللقاء مناما، لكن الله تعالى أراد أن يطلع رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم على صورة روحه الأمين، كما أراد له أن يعرف أهم صور