مع الجهر بالدعوة وخروج الرسول للعلن والمواجهة بدأ كفار مكة في إيذاء الرسول وأصحابه.
وكان الاضطهاد في بدايته قليلا ضعيفا، ثم أخذ يشتد شيئا فشيئا، حتى وصل إلى حد التآمر، والتخطيط لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتيجة لهذا التصعيد في الاضطهاد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع أصحابه في دار الأرقم ليعلمهم الإسلام بعيدا عن كفار مكة، كما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فهاجر إليها كثير من أصحابه.
وقد حاول كفار مكة اعتقال المهاجرين، والفتك بهم، لكنهم فشلوا، ورأى المشركون والكفار أن أغلب المسلمين تركوا مكة، وتركوا محمدا صلى الله عليه وسلم مع قلة قليلة من أصحابه في مكة، وهاجروا إلى الحبشة، وغاظهم أن محمدا لم يضعف، ولم يترك دعوته..
فذهبوا إلى عمه أبي طالب، وقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين.
عظم علي أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يابن أخي، إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا كذا، فأبقِ عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق.
فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعف عن نصرته، فقال:"يا عم! والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك فيه"، ثم استعبر وبكى، وقام.
فلما ولى ناداه أبو طالب، فلما أقبل قال له: اذهب يابن أخي، فقل ما