للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من كان بينه وبين الفرس مواثيق تمنعه من الإيمان ونصرة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكان على رأس من لم يؤمن بدعوته من القبائل، ورد عليه ردا قبيحا قبائل كندة، وكلب، وبني حنيفة.

يتكلم محمد بن عمر الأسلمي عن بني حنيفة فيقول: نسأل الله ألا يحرمنا الجنة، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا ثلاثة أعوام بعكاظ وبالمجنة وبذي المجاز، يدعونا إلى الله -عز وجل- على أن نمنع له ظهره، حتى يبلغ رسالات ربه، ويشرط لنا الجنة، فما استجبنا له، ولا رددنا عليه ردا جميلا، فخشنا عليه وحلم عنا١.

يروي مدرك بن منيب عن أبيه عن جده فيقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة وهو يقول: "يأيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا"، فمنهم من تفل في وجهه، ومنهم من حثا عليه التراب، ومنهم من سبه، حتى انتصف النهار، فأقبلت جارية بعس من ماء فغسل وجهه ويديه، وقال: "يا بنية، لا تخشى على أبيك غلبة ولا ذلة"، فقلت: من هذه؟ قالوا: زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي جارية وضيئة٢.

ومن القبائل التي أحسنت لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بنو شيبان بن ثعلبة، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: لما أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه، ومعنا أبو بكر، ثم ذهبنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم أبو بكر فسلم فقال: من القوم؟

قالوا: من شيبان بن ثعلبة.

فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بأبي وأمي هؤلاء غرر الناس، وفيهم مغروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان مغروق قد غلبهم لسانا وجمالا، وكانت له غديرتان تسقطان على ثريبته،


١ سبل الهدى والرشاد ج٢ ص٥٩٥.
٢ سبل الهدى والرشاد ج٢ ص٥٩٤.

<<  <   >  >>