للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يصور الحديث الصحيح الوارد في البخاري فعل ثقيف وقسوتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد روى البخاري بسنده عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أُحُد؟

قال: "لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت -وأنا مهموم- على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب -وهو المسمى بقرن المنازل- فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد، لك ما شئت فيهم، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت" -والأخشبان: هما جبلا مكة، أبو قبيس والذي يقابله وهو قيقعان- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا" ١.

وهكذا كانت رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، فبرغم ما لاقاه من ثقيف ومن أبناء عمرو بن عمير لم يدعُ عليهم، وإنما دعا لهم صلى الله عليه وسلم.

المحاولة الثانية: عرض نفسه على القبائل

أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب الآتين للمواسم حاجين أو معتمرين، وكان يطلب منهم أن يؤمنوا بالله تعالى، ويتركوا عبادة الأصنام والأوثان، على أن يخرج معهم إلى ديارهم؛ ليمنعوه من غدر قريش وعداواتها، حتى يتمكن من تبليغ رسالة الله، وتوصيل دينه إلى الناس.

فمنهم من لم يؤمن بدعوته، ورده ردا قبيحا.

ومنهم من لم يؤمن به.. ولكنه وعد بحمايته.


١ صحيح البخاري - كتاب بدء الخلق ج١ ص٤٥٨.

<<  <   >  >>