للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن القبائل التي أعلنت استعدادها لإيواء النبي صلى الله عليه وسلم مع عدم الإيمان به بنو كعب بن ربيعة، كاد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذهب معهم لولا طاغية من طغاة البشر ردهم عما عزموا عليه.

يروي أبو نعيم عبد الرحمن العامري عن أشياخ من قومه قالوا: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بسوق عكاظ فقال: "من القوم؟ ".

قلنا: من بني عامر بن صعصعة بنو كعب بن ربيعة.

فقال: "إني رسول الله إليكم، أتيتكم لتمنعوني حتى أبلغ رسالة ربي، ولا أكره أحدا منكم على شيء".

قالوا: لا نؤمن بك، وسنمنعك حتى تبلغ رسالة ربك.

فأتاهم بيحرة بن فراس القشيري فقال: من هذا الرجل الذي أراه عندكم أنكره؟

قالوا: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.

قال: فما لكم وله؟

قالوا: زعم أنه رسول الله، فطلب إلينا أن نمنعه حتى يبلغ رسالة ربه.

قال: ما رددتم عليه؟

قالوا: بالرحب والسعة نخرجه إلى بلادنا ونمنعه مما نمنع منه أنفسنا.

فقال ببحرة: ما أعلم أحدا من أهل هذه السوق يرجع بشيء أشر من شيء ترجعون به! أتعمدون إلى رهيق قوم طردوه وكذبوه فتؤووه وتنصروه، تنابذوا العرب عن قوس واحدة، قومه أعلم به، فبئس الرأي رأيكم، ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه سلم فقال: قم فالحق بقومك، فوالله لولا أنك عند قومي لضربت عنقك١.

ونلاحظ أن أهل مكة لم يتركوا محمدا يتصل بالناس، بل سلطوا عمه أبا لهب وأبا جهل يسيران خلفه، أحدهما بعد الآخر بالتناوب، وكلما خاطب قوما


١ سبل الهدى والرشاد ج٢ ص٥٩٥.

<<  <   >  >>