للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما جلس كان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج١، إن محمدا من حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه، ومنعة من بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه، وخاذلوه بعد الخروج به إليكم، فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده.

وقال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف: يا معشر الخزرج، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟

قالوا: نعم.

قال: إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس، فإن كنتم تريدون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة، وأشرافكم قتل، أسلمتموه فمن الآن، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم تريدون أنكم وافون له بما عاهدتموه على نهكة الأموال، وقتل الأشراف، فخذوه، فهو والله خير الدنيا والآخرة.

ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: "ليتكلم متكلمكم، ولا يطيل، فإن عليكم من المشركين عينا، وإن يعلموا بكم يفضحوكم".

فقالوا: يا رسول الله، قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، وخذ لنفسك ولربك ما أحببت.

فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام، ثم قال: "أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم".

فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم فوالله الذي بعثك بالحق لنمعنك ما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحرب، وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر.


١ قال: وكانت العرب يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج خزرجها وأوسها.

<<  <   >  >>