للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترضيهم الكلمات القليلة ذات الدلالات الموجزة، والمعاني الدقيقة.

ومن الناس طائفة ذات عقول متوسطة، ونفوس خاملة، وطباع لا تتحرك إلا إذا استثيرت وانفعلت، وهؤلاء يناسبهم بسط الكلام، وتكرار العبارة، وسوق المعنى بأكثر من طريق.

ومن الناس طائفة ذات عقل وفهم، لكنها محبة للجدل والحوار، كثيرة السؤال والاعتراض، مرة لتفهم، وأخرى لتظهر ذاتها في حوار ونقاش١.

وقد أدى تنوع الناس إلى تنوع الأساليب، مع أن المعنى والمضمون واحد.

ولذلك رأى العلماء أن الأسلوب بصورة عامة يتنوع إلى ثلاث صور كلية وبعدها تأتي الأساليب الفرعية العديدة، المناسبة للمدعوين، تعبيرا عن إحدى هذه الصور الكلية.

والصورة الكلية للأسلوب ثلاثة، أمر الله بها في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ٢، وبيانها فيما يلي:

الصورة الأولى: الحكمة

وهي مشتقة من الإحكام والإتقان، ومرجعها إلى العلم الدقيق، والحقيقة المجردة، الخالية من الإطناب والتكرار.

وتطلق الحكمة على مسميات عديدة كالعقل، والفهم، والنبوة، والحديث، وعلى بعض أساليب الدعوة.

والحكمة في أساليب الدعوة تعني اللفظ المحكم، الدقيق، الدال على معناه المقصود بلفظ موجز، وعبارة جميلة.. يقول أبو السعود: "الحكمة هي الدليل الموضح


١ انظر: تفسير الرازي ج٥ ص٥١٥ بتصرف.
٢ سورة النحل آية ١٢٥.

<<  <   >  >>