للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدعوة بالموعظة الحسنة تدخل إلى القلوب برفق، وتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي تقع عن جهل، أو حسن نية، فإن الرفق في الموعظة كثيرا ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخبر أكثر من الزجر والتأنيب والتوبيخ.

والدعوة بالجدل بالتي هي أحسن تكون بلا تحامل على المخالف، ولا ترذيل له وتقبيح، حتى يطمئن إلى الداعي، ويشعر أن ليس هدفه الغلبة في الجدل، فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق حتى لا تسرع بالهزيمة، والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة١.

ويلاحظ:

أن كلا من صور الأسلوب الثلاث لا تنحصر في شكل بياني محدد؛ لأن الصورة الواحدة تظهر في صورة فرعية عديدة، فمن الحكمة: الإيجاز، والإشارة، والتأكيد المجرد.

ومن الموعظة: الاستفهام، وضرب المثال، والتشبيه، وإيراد القَصَص، والتأثير الصوتي.

ومن الجدل: المحادثة، وحلقات النقاش، وعقد الاجتماعات، والمناظرات.

ولذلك اعتبرت هذه الصور الثلاث أصولا للأساليب تتفرع منها صور عديدة قابلة للزيادة كلما تقدم الناس، وتطورت العلوم، وتنوعت الحضارات.

وهكذا..

يكون الأسلوب، ويكون دوره مع البلاغ والدعوة..


١ في ظلال القرآن ج٤ ص٢٢٠٢.

<<  <   >  >>