فقال أبو طالب: أي ابن أخي، إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه، ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت.
وذكروا أنه قال لعلي: أي بني، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟
فقال علي رضي الله عنه: يا أبتِ، آمنت بالله وبرسوله الله، وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله، واتبعته.
فذكروا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه١.
فنجده صلى الله عليه وسلم في حواره مع عمه يورد الكلمات الموجزة، الجامعة للمعاني الكثيرة، مع التركيز على القضايا المسلمة عند العرب، والانطلاق منها إلى ضرورة الإيمان بالله تعالى.
فالعرب جميعا يعرفون الله تعالى، ويسلمون له بالقدرة، ومع ذلك يشركون معه في العبادة آلهة آخرى ... ويعتزون بأبيهم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.. ولذلك وضح النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أنه يدعو لدين الله، ودين إبراهيم عليه السلام، ودين الأنبياء السابقين.
ولم يغب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبة عمه بالحسنى فيقول له:"أي عم، أنت أحق من بذلت له النصيحة، ورجوت له الهداية".
ومع أن أبا طالب لم يستجب للدعوة إلا أنه طمأن محمدا صلى الله عليه وسلم على حمايته، ولم يعترض علي إيمان ابنه علي رضي الله عنه.
وكان مجرد إعلان الصحابي "أي صحابي" الإيمان بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بداية لتبدل حياته كلها، ليظهر جديدا في كل شيء، ويتغير تغيرا تاما، وتلك إحدى العجائب التي صنعها محمد صلى الله عليه وسلم في الذين آمنوا بدعوته.
يقول سيد قطب: ولقد كنت وأنا أراجع سيرة الجماعة المسلمة الأولى أقف أمام شعور هذه الجماعة بوجود الله سبحانه، وحضوره في قلوبهم وفي حياتهم،