واستفساراتهم، والتأكد من وصول الأفكار إليهم على الصورة المطلوبة.
تلك هي صور الاتصال الممكنة، التي تحدث عنها علماء الإعلام في العصر الحديث، وقد أحاطوها بهالة تفيد أنها من مستحدثات العصر، ومخترعات الحضارة الحديثة، برغم ذلك نقول وبكل وضوح: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخدم هذه الصور الثلاث وهو يدعو الناس خلال مرحلة الجهر بالدعوة..
فبالنسبة للصورة الأولى: نرى أنه صلى الله عليه وسلم استخدم وسيلة الاتصال الشخصي مع أهل بيته وأقربائه وأصحابه الذين أسلموا؛ حيث كان يلتقي بهم بصورة تلقائية عددا من المرات، في اليوم الواحد، وكان صلى الله عليه وسلم يسائلهم عن أحوالهم، ويجيب لهم عما يعن لهم، ويؤمهم في الصلاة، ويبلغهم ما نزل من وحي، ويقرأ عليهم القرآن الكريم، ويحثهم على الصبر والتحمل، ويشد من أزرهم.
وكان صلى الله عليه وسلم يقابل غير المسلمين المعروفين له، يدعوهم إلى الله تعالى، ويدور عليهم في بيوتهم، وأماكن تواجدهم في مكة أو حولها، وكان كلما قابله واحد يعرفه في الطريق، أو عند البيت، حرا أو عبدا، ضعيفا أو قويا، غنيا أو فقيرا، إلا ويعرض عليه دعوة الله تعالى، ويطلب منه الدخول في دين الله تعالى.
وكان صلى الله عليه وسلم يتبع الناس في مجالسهم، ومحافلهم، وفي المواسم والأسواق؛ ليدعوهم إلى الله تعالى بالحسنى، وبالخلق الكريم.
وكان صلى الله عليه وسلم يشرك من يدعوه في تناول قضية الدعوة من أجل إقناعه بالحسنى، وذلك أمر مهم في حركة الدعوة؛ لأن الدعوة ليست تسلطا واستعلاء، وليست احتقارا لعقل الناس، وليست استهانة بقدراتهم على التصور والحكم السليم.
انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يدعو الحصين والد عمران؛ حيث تراه يستدرجه إلى الحق، ويضعه أمام اعتراف صريح بالإيمان، فقد أخرج ابن خزيمة عن عمران بن خالد بن طليق بن عمران بن حصين قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده: أن قريشا جاءت إلى الحصين -وكانت تعظمه-