للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا له: كلم لنا هذا الرجل، فإنه يذكر آلهتنا ويسبهم، فجاءوا معه حتى جلسوا قريبا من باب النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوسعوا للشيخ"، وعمران وأصحابه متوافرون.

فقال حصين: ما هذا الذي بلغنا عنك: إنك تشتم آلهتنا، وتذكرهم، وقد كان أبوك حصينة وخيرا؟

فقال صلى الله عليه وسلم: "يا حصين! إن أبي وأباك في النار، يا حصين! كم تعبد من إله؟ ".

قال: سبعا في الأرض وواحدا في السماء.

قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا أصابك الضر مَن تدعو؟ ".

قال: الذي في السماء.

قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا هلك المال من تدعو؟ ".

قال: الذي في السماء.

قال صلى الله عليه وسلم: "فيستجيب لك وحده، وتشركه معهم، أرضيته في الشكر، أم تخاف أن يغلب عليك؟ ".

قال: ولا واحدة من هاتين، وقد علمت أني لم أكلم مثله.

قال صلى الله عليه وسلم: "يا حصين! أسلم تسلم".

قال: إن لي قوما وعشيرة فماذا أقول؟

قال صلى الله عليه وسلم: "قل: اللهم أستهديك لأرشد أمري، وزدني علما ينفعني".

فقالها حصين فلم يقم حتى أسلم، فقام إليه عمران فقبل رأسه ويديه ورجليه، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بكى وقال: بكيت من صنيع عمران، دخل حصين وهو كافر، فلم يقم إليه عمران، ولم يلتفت ناحيته، فلما أسلم قضى حقه فدخلني من ذلك الرقة، فلما أراد حصين أن يخرج قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قوموا فشيعوه إلى منزله"، فلما خرج من سدة الباب رأته قريش فقالوا: صبأ وتفرقوا عنه١.

ونراه صلى الله عليه وسلم يعيش مع واقع حصين، ويسائله فيها إلى أن تحقق لدعوته ما يريد.


١ حياة الصحابة ج١ ص٥٥.

<<  <   >  >>