للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا كانت المفاوضات وسيلة للدعوة إلى الله تعالى، يقول الإمام ابن كثير: "اعترض المشركون على رسول الله وتعنتوا في أسئلتهم له؛ حيث طلبوا أنواعا من الآيات وخوارق العادات على وجه العناد، لا على وجه الطلب والإرشاد، وكان الرسول يسمع منهم، ويرد عليهم، بالرفق واللين، ويبين لهم خطأ جدلهم وعنتهم"١.

ثالثا: الدعوة بالانتقال إلى القبائل ودعوتهم:

وكان رسول الله يذهب إلى قبائل العرب وبطونهم، يدعوهم إلى الله بالحكمة واللين، وكان ينتهز المواسم والأسواق، ويذهب إلى القبائل في اجتماعهم ويدعوهم، يقول الزهري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنين يعرض دعوته على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم شريف كل قوم، لا يسألهم من ذلك إلا أن يؤووه ويسمعوا له ويقول: "لا أكره أحدا منكم على شيء، من رضي بالذي أدعوكم إليه فذلك، ومن كرهه لم أكرهه".. فلم يقبل أحد منهم، وما بات أحد من تلك القبائل إلا قال: قوم الرجل أعرف به، أترون أن رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه، ولفظوه٢.

وقد ذكر الواقدي البطون والأفراد الذين ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام، وعدهم واحدا واحدا، موضحا مواقفهم.

وأهم هذه الانتقالات من أجل الدعوة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لدعوة بني ثقيف إلى الإسلام؛ حيث عرض عليهم أن يأوي إليهم ويكون معهم إذا أسلموا، لكنهم ردوه ردا قبيحا، وسلطوا عليه سفاءهم وأطفالهم، فرموه بالحجارة، وطردوه من ديارهم وحيدا لا يجد لنفسه نصيرا من الناس، ولا مأوى في ديارهم٣.


١ انظر: البداية والنهاية ج٣ ص٤٩-٥٣.
٢ المرجع السابق ج٣ ص١٤٠.
٣ انظر ص٣٦٢.

<<  <   >  >>