للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أشهر الوفود التي قدمت إلى مكة وفد الأوس والخزرج الذين جاءوا إلى رسول الله وقابلوه عددا من المرات وبايعوه بيعتين عند شعب العقبة، تعرفان بيعة العقبة الصغرى، وبيعة العقبة الكبرى؛ حيث اتفق النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة الثانية على أن يهاجر والمسلمين إلى المدينة، على أن يمنعه أهلها بما يمنعون به نساءهم وأبناءهم وأموالهم، واختار منهم اثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، يكونون على قومهم بما بايعوا عليه١.

ويعد وفد الأنصار هذا من أكثر الوفود تأثيرا في مسار حركة الدعوة، فيه نشأت قوة الإسلام في المدينة، وكانت الهجرة، وكانت الدولة الإسلامية.

إن استقبال الباحث عن الحقيقة يحتاج لداعية كفء يفهم قضيته، ويعرف طرق عرضها الحسن، ويجيد التعامل مع الوافد ذي الثقافة المعينة، والبيئة

الخاصة، والتقاليد المتنوعة.

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعونة الله له يتعامل مع الوفد بطريقة حكيمة حسنة تؤدي إلى النتائج التي يرجوها المخلصون، والبحث عن الحقيقة موجود دائما، وتصورات العقول يشوبها الشك كثيرا وهي تريد الوصول لليقين، والمشكلة تكمن في وجود أشخاص يتعاملون مع الواقع، ويطوعون القضايا، ويوجهونها نحو الصواب، ويجيدون فهم الدعوة، وحسن عرضها على الأفهام.

ولقد كان صلى الله عليه وسلم نموذجا عاليا في الاستفادة بهذه الوسيلة؛ لأن القبائل كانت تتخير أعلم أبنائها وأعقلهم، ويحددون له الهدف المقصود، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقابلهم وهو يرجوهم للإيمان.

لا بد من معرفة دوافع الوفد للحضور، وكشف خصائص أفراده، ومعرفة من وراءه؛ ولذلك فالاستماع لأفراده ابتداء ضرورة لا بد منها، وكان صلى الله عليه وسلم يستمع للوفد ويجيب على تساؤلات أعضائه، ويكرم وفادتهم، ويقدم لهم النصح


١ انظر تفصيلات وفود الأنصار من ص١٤٩ إلى ص١٧٠.

<<  <   >  >>