وقد تجتمع فواصل متنوعة، في إطار غاية واحدة، لحكمة يريدها الله تعالى من هذا التنوع في هذا التنوع، ومن ذلك قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ، يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} ١، فإن الموضوع عرض لإثبات أدلة وجود الله وقدرته ووحدانيته، ومع ذلك تنوعت الفواصل؛ حيث ختمت آية بـ"يتفكرون" لما أن الاستدلال بإثبات الزرع والثمر على وجود الله وقدرته، ويحتاج إلى فضل تأمل، يرشد إلى أن حدوث هذا النوع يحتاج إلى إله قادر يحدثه، فناسب ذلك ختم الآية بما ختمت به، وانتهت الثانية بـ"يعقلون" لما أن تسخير الليل والنهار لخدمة الإنسان؛ ليرتاح ليلا، ويعمل نهارا، وتسخير الشمس، والقمر، والنجوم، فتشرق وتغرب في دقة ونظام تامين، يحتاج إلى عقل يهدي إلى أن ذلك لا بد أن يكون بيد خالق مدبر، فختمت الآية بـ"يعقلون"، وختمت الآية الأخيرة بـ"يذكرون" لأن الموقف فيها يستدعي تذكر ألوان مختلفة بثها الله في الأرض، للموازنة بين أنواعها، بل الموازنة بين أصناف نوع منها، فلا يلهيهم صنف عن سواه، ولا يشغلهم نوع عن غيره، وهذه الموازنة تقضي إلى الإيمان بقدرة الله، خالق هذه الأنواع المختلفة المتباينة.