للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: الخلق كله بقبضة لخالق سبحانه وتعالى، وبيده وحده النفع والضرر، وكل الخلق خاضع له، وما على المؤمن إلا أن يقصر خوفه على الله، كما قال تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ١.

ثالثا: الأجل والرزق محددان تماما بحيث {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُون} ٢، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} ٣، وقد ثبت أن رزق الرجل يكتب بعد نفخ الروح في المضغة كما يكتب أجله وعمله٤.

وما دامت هذه المفاهيم قد ثبتت عند الداعية فما عليه إلا أن يظهر العزة في كل حياته {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ٥، وهي عزة ناشئة من الإحساس بالكرامة التي أولاها الله للإنسان على العموم، وناشئة من لذة الإيمان وحلاوته عند المؤمن على الخصوص، فإذا ما بعد الإنسان عن العزة فقد بعد عن الإيمان، ولا يقبل من المؤمن قط عذر إذا سار في مسلك ذليل فإنه بذلك يظلم نفسه وسوف يسأل: {فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} ٦، فلن يقبل منه أنه كان ضعيفا في بلده؛ لأن الأرض كلها لله وهي واسعة، وكان عليه أن يهاجر إلى مكان آمن فيه صيانة لكرامته وحماية لعزته التي يجب أن يتمسك بها بكل شدة، ولن ينقص من قدره شيء، وأن الحقيقة في قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ٧.


١ سورة آل عمران الآية ١٧٥.
٢ سورة الأعراف الآية ٣٤.
٣ سورة هود الآية ٦.
٤ صحيح مسلم بشرح النووي ج١٦ ص١٩٢ - كتاب القدر.
٥ سورة المنافقون الآية ٨.
٦ سورة النساء الآية ٩٧.
٧ سورة فاطر الآية ٢.

<<  <   >  >>