وهبوطا. أما الانفعالات المصاحبة للعملية, فرغم تأرجحها فإنها تظهر في صورة خوف وعدم سعادة واكتئاب، وهي لا تتسق مع التقدم الحقيقي للدرجة التي يحدث فيها أن يتبع الاستبصار العميق يأس شديد.
إن عملية إعادة تنظيم الذات أو ما يطلق عليه روجرز الصيرورة إلى شخص Beoming a Person تشتمل على جوانب مختلفة، واحد منها يمكن أن نطلق عليه "الاختباء وراء قناع" وفي إطار الحرية التي تتاح في العلاقة الإرشادية, فإن المسترشد يبدأ في سحب الواجهات والأدوار والأقنعة الزائفة, ويحاول أن يكتشف شيئا ما بطريقة أكثر صدقا، ذلك الشيء هو "ذاته" أي: ذات المسترشد. فالمسترشد يصبح قادرا على استكشاف ذاته وخبراته ومواجهة التناقضات التي يكتشفها والواجهات التي كان يختبئ وراءها. وقد يكتشف المسترشد أن ليس له ذات فردية، وإنما توجد ذاته فقط في علاقته بالقيم والمتطلبات الخاصة بالآخرين، وأن هناك حاجة ملحّة للبحث عن الذات والصيرورة إلى هذه الذات.
إن جزءا هاما من الكينونة إلى الذات الحقيقية هو عملية معايشة المشاعر إلى حدودها Experiencing of Feelings بحيث يكون الفرد هو خوفه وهو غضبه وهو حبه, وهكذا ... فهناك حرية في أن يخبر ويعايش ردود الفعل الحسية الحقيقية المنبعثة من الكائن العضوي بداخله بدون محاولة كبيرة لربط هذه الخبرات مع الذات. وعادة, فإن ذلك يكون مصحوبا باقتناع بأن هذه المادة التي يتعامل معها لا تنتمي إلى الذات, ولا يمكن أن تنتظم فيها.
ونقطة النهاية في عملية إعادة تنظيم الذات هي أن المسترشد يكتشف أنه يمكن أن يكون هو خبرته بكل تنوعها وبكل تضادها السطحي، وأنه يستطيع أن يشكل ذاته من هذه الخبرة بدلا من محاولة إنكار العناصر التي لا تناسب الذات بعدم ترميزها في الوعي. ومن خلال معايشة هذه العناصر في الذات تنشأ وحدة متناغمة أو نمط معين. إن كل هذه الخبرات تعتبر جزءا من الذات الممكنة أو الكامنة Potential self والتي يجري اكتشافها.
ولا تتوقف نتائج إعادة تنظيم الذات على تقبل الذات، وإنما تتجاوز ذلك إلى الرضا عنها وحبها. إنه تقدير سارّ وممتع لذات الفرد كشخص مكتمل قائم بوظائفه.