والغضب انفعال كدر ويعتبر مثل الخوف من الانفعالات الرئيسية، ووظيفته الأساسية مساعدة الإنسان على المحافظة على كيانه النفسي. وقد اهتم الإسلام بهذا الانفعال اهتماما خاصا؛ لما يؤدي التطرف فيه إلى مشكلات بين الناس وبعضهم البعض، إذ على حين قد يقتصر أثر الخوف على الشخص نفسه فإن أثر الغضب يمتدّ إلى الآخرين، بل إن التاريخ حافل بتسجيل الحروب التي بدأت بغضب فردي, وانتهت إلى مشكلات بعيدة المدى.
ومن بين علماء المسلمين الذين اهتموا بإفراد جانب من كتاباته للغضب, أبو حامد الغزالي, الذي اهتم بموضوع الغضب في ربع المهلكات من مؤلفه الشهير إحياء علوم الدين، والذي تبنى عليه هذه المناقشة حول نموذج إسلامي لمعالجة الغضب.
يبدأ الغزالي كلامه حول الغضب بعنوان هو:
كتاب ذم الغضب والحقد والحسد, وهو الكتاب الخامس من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين.
ثم تناول الجوانب الآتية:
١- بيان ذم الغضب.
٢- بيان حقيقة الغضب.
٣- بيان الغضب، هل يمكن إزالة أصله بالرياضة, أم لا؟
٤- بيان الأسباب المهيّجة للغضب.
٥- بيان علاج الغضب بعد هيجانه.
١- بيان ذم الغضب:
يبدأ الإمام الغزالي كلامه بذكر الآية الكريمة:
قال الله تعالى:{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[الفتح: ٢٦] .