يبدأ الغزالي حديثه في هذا الجانب تحت عنوان: بيان علاج الغضب بعد هيجانه, حيث يذكر أن ما أورده في مناقشة عن أسباب الغضب إنما يدخل كجانب وقائي.
"حسم لمداد الغضب وقطع أسبابه لا يهيج، فإذا ما جرى سبب هيجه فعنده يجب التثبت حتى لا يضطر صاحبه إلى العمل به على الوجه المذموم، وإنما يعالج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم والعمل""ص١٧٣".
هكذا يحدد الغزالي أن هناك علاجات للغضب باعتباره عادة, وعلاجات للغضب باعتباره حالة أثناء حدوثها, وأن هناك محورين أساسيين للعلاج هما: العلم والعمل.
أولا: العلم
ومقصود الغزالي بهذا الجانب هو استخدام العمليات العقلية "المعرفية Cognitive" ويحدد تحته ستة أمور:
١- أن يتفكر في الأخبار التي تدل على فضل كظم الغيظ.
٢- أن يخوّف نفسه بعقاب الله, وأن قدرة الله عليه أعظم من قدرته هو على غيره.
٣- أن يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام ... أي: أن يخوف نفسه بعواقب الغضب في الدنيا "ردود فعل الآخرين".
٤- أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب بأن يتذكر صورة غيره في حالة الغضب "التنفير الذاتي والنمذجة الذاتية".
٥- أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويمنعه من كظم الغيظ، فيقول لنفسه: "ما أعجبكِ! تأنفين من الاحتمال الآن ولا تأنفين من خزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك، وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس ولا تحذرين أن تصغري عند الله والملائكة والنبيين؟! " "ص١٧٣-١٧٤"، وبمعنى آخر: فإنه يعيد تصوير المشكلة Reframing أو يقوم بعملية مراجعة منطقية.
٦- "أن يعلم أن غضبه من تعجبه من جريان الشيء على وفق مراد الله لا على وفق مراده، فكيف يقول: مرادي أولى من مراد الله؟ ويوشك أن يكون غضب الله عليه أعظم من غضبه""ص١٧٤".